أعلان الهيدر

الخميس، 31 يوليو 2014

الرئيسية اليوم المشؤوم

اليوم المشؤوم



لا أعلم إن كنت قد بالغت في العنوان ام العكس ولا أعلم حكمكم في يوم إبتدأ برائحة النوم إنتهى برائحة الخرفان...
الساعة الرابعة زوالا وكعادتي منطوي في مكتبي البسيط اتحوار مع اوراقي، هي الدراسة والعمل لا ينتهيان ولو إنتهى الموسم،  أخي الأكبر وليس البكر وأول المتزوجين من إخوتي لحد الآن، اراد إخراجي من عالمي، هو لا يحبه فبالنسبة له عالم  ممل، ربما لأنه لم يكن ناجحا في دراسته، فأراد إخراجي لعالمه والذي يعتبر من الآوائل فيه، لا أعلم إنك كان ذلك حبا فِي ام فقط ارادَ صُحبة، لكن لا أستطيع الرفض مع إصراره... حسن سنبدل الجو والروتين هذا اليوم، كان يوم إفتتاح مهرجان صفرو لحب الملوك..التراث العالمي...
لا أحب الإزدحام، والأجواء الصاخبة، ولا احب كثرة الناس والأشحاص من حولي، فذلك يحسني بالإختناق، احب الوحدة مع أني لست إنطوائي،ولكن أحب السكون... فكان العكس ما أخدني إليه أخي، أعترف انني لم أستتمتع بذالك اليوم، لأنه في لحظات الإستمتاع كانت مخيلتي تستقطب بعض الوقائع التي تحدت للناس و ترويها بطريقتها الخاصة ربما كنت استمتع بها.. لذلك فقد كنت أعيش في عالمي وحدي بعيدا عن الواقع وعن الآخرين
في طريقنا إلى الاّ مكان.. شاب عشريني مع صديقه يقودان سيارة بتهور وبصوت موسيقى صاخب جدا.. لا زالو مراهقين و هذا الملاحظ، يقفان في الممنوع رغبة منهم في إستقطاب فتاتان، هُنّ يظحكان لهم، والشابان يرغبان فيهما، بين طمعهم المتبادل الفتاتان في السيارة و الشابان في الجائزة، رفضت الدعوة لوجود أمهات الفتاتان معهما، و كذلك رفضت دعوتي عليهم بمخالفة، لعدم وجود شرطي مرور في المكان..
إستمرينا وانا أظحك على الموقف، ومن عجيب الصدف وأنا اقطع الشارع بعد وهلة، إذ بنفس الشابين ونفس السيارة تقف لنا ليعطياننا حق الأسبقيية في المرور، رغم توقفي لمرورها، سحبت دعوتي عليه  فإستمريت لغرابة الصدف.
تحدثنا انا وأخي وأعترف ان حديثنا لم يكن مهم وكان دون المستوى بسبب تفاوت مستوياتنا المعرفية، الشيء الذي ألزمني بالنزول إلى المستوى المتوسط بيننا، أحبه لطلاقته وصراحته وحريته في الكلام ... إستمرينا كذلك حتى وجدنا معرضا خاصا بالكتاب وكما جرت العادة خاليا من اي زوار إلا القليل قاحل كالصحارى. اردت شراء كتابين وكم وددت لو وجدتهما لكن للأسف دور النشر لم تكن لها ولو فكرة عليهما، و ازلت على فكرتي ان في بلداننا العربية تجد كتب تفسير الأحلام أكثرم من كتب تحقيقها.. ولكن مع ذلك كانت هناك كتب وروايات مهمة اعجبتني، كما اني إشتريت كتاب جد مهم هي رواية مئة عام من العزلة، لمركيز كارسيا، حققة إضافة مهمة لمجموعتي الصغيرة، وأعترف ان المعرض كان النقطة البيضاء لي في المهرجان ككل.
أكملنا طريقنا في زحمة الشارع الخانقة، كل يهتم بشيء ما، كل يبحث عن ما يلهيه، و يصل لَهوُهُ و إلهائه حد الضياع، طفل يبكي يبحث كل ما يمكن تمييزه من كلامهه و بكائه هي كلمة ماما، ويحمل في يده حلوة السكر المصبوغ كحالنا، (الصوفة) تائه في الشارع.. هو ضائع عن أمه ولا أعلم لكم من الوقت سيضل، ولِكم من الوقت ستضل أمه جاهلة ان إبنها الصغير ضائع يبحث عنها، لا أعرف كيف لها ان تضيعة أعذرها لأن الملهيات اهم وأكثر من ان تنضبط معهم، أظحكني كثيرا هذا الموقف بدأت استهزئ به من كثرة الظحك، لست بشرير او شيء من هذا القبيل، لكنها فرصة له ليجرب الضياع مثلي ففي الأخير سيجد امه أما انا فلازلت طويلا في هذا الضياع.
لا أحب كثرة الناس ولكن أخي يجرني إليها دائما، دائما يبحت عن الإكتضاض فيرغمني على الدخول معه فيه، أبقى مكتفا كالمحكوم، لا أستطيع اخذ حريتي، لكن عدم الرفض مرض يجعلني أطيعه فيما يضرني... إستمر في تمرده علي، في لحظة اراد ان يتفرج على لعبة تسمى "بمطور الخشبة" يتعلق الأمر بمغامر يمتطي دراجة نارية و يقوم بالدوران في حركة دائرية مغلقة، هو يحب المغامرين و لا يحب أن يغامر، ربما يرى فيهم نفسه او ما أراد ان يفعله ولم يستطع، ويعجب بحركاتهم البهلوانية فبالنسبة له هي حركة خارقة للعادة.. وبدون تشاور تذكرتين رغم رفضي،  طلعنا لكي ننتظر بطله الخارق.. يدخل الحلبة و تحت تصفيقات وتشجيعات المتفرجين، يدور محركاته بفخر و ينطلق... هو مستمتع بمجازافاته او فقط يدعي الإستمتاع، هي مهنته و بكثرت إعادتها تصبح روتينا مملا وحتى هرمونات المتعة لن تفرز بكثرة الإعادة، المهم ان جمهوره متمتع بما يفعله الكل يشجع ويصفق ويضحك من مجازفاته، لم يستهوني ما رأيته لا أجد فائدة من روئية شخص فوق دراجة يدور في حلقة مغلقة، ربما لأني أعرف السر وراء ذلك، لا أعلم لماذا يقوم العلم بفضح هذه الأشياء و يقوم بحرمان التمتع بها كباقي الموجودين، متأكد جدا ان جهلهم بالفزياء هو سر تمتعهم. 
وددت لو فقد السيطرة وإنفجر به محرك الدراجة النارية، فإنطلق دم يغطي أرجاء الحلبة وتطايرة أجزائه لتصيب عشرات الحاضرين فينطلق حمام الدماء  ليغطي أرجاء الحلبة لتكون الفرجة لا مثيل لها، هذا ما كان سيشوقني كثيرا  ويستهويني  ويرفع نسبة الأدرينالين في جسدي، ليس دوران شخص  في حلقة مفرغة.. هي كذلك مخيلتي عندما يطلق لها العنان تخرج عن المألوف والقنانون معا... إنتهى العرض.. لم أكن المتفرج...
إستمر طغيان أخي علي حتى العاشرة ليلا، ولم يعد هناك من نقل ليرجعنا فالكل دهب للنوم رغم أن المدينة لازالت مكتظة بعشرات الآلاف من البشر ساهرين مع الحفل. شخص ينادي بالمدينة المنشودة،  إبتسمة فرحا لعلمي اننا لن ننتظرا كثيرا، عند إقترابنا وجدت انها عربة نقل الخرفان فليس هناك نقل آخر غيرها وهي ضريبة تأخرنا.. لا تزال رائحتهم تغلب على المكان، ألم اقل لكم إنه يوم مشؤوم فقد إبتدأ برائحة النوم وإنتهى برائحة الخرفان.

نبيل رضوان
يتم التشغيل بواسطة Blogger.